
منذ مطلع عام 2025، 9 أرقام محورية تُلخّص أبرز الأحداث التي تُعيد رسم المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي في الولايات المتحدة. ومن تراجع نسب التأييد الشعبي والخسائر الاقتصادية، إلى ارتفاع معدلات الجريمة وتصاعد المخاوف من التضخم، تكشف هذه الأرقام عن حجم التحديات وتعقيد التحوّلات التي تمرّ بها البلاد هذا العام.
تعرّض إيلون ماسك في عام 2025 لهزة قوية في شعبيته، إذ بلغ معدل عدم الرضى عنه بين الأميركيين 55%، وهو أعلى مستوى يُسجل حتى الآن. ويعكس هذا الرقم تصاعدًا حادًا مقارنة بالأشهر الماضية، مدفوعًا بعلاقته الوثيقة بالرئيس دونالد ترامب، وسلسلة من التصريحات والمواقف المثيرة للجدل التي أثارت انتقادات واسعة.
وبحسب بيانات استطلاعات مجمّعة، لا ينظر سوى 37% من الأميركيين إلى ماسك بشكل إيجابي، في حين تهاوت شعبيته بشكل خاص بين الديمقراطيين، حيث لا تتجاوز نسبة المؤيدين له 16%.
ولم تقتصر تداعيات هذا التراجع على صورته الشخصية، بل طالت شركته الأبرز، تيسلا، التي تراجعت سمعتها بشكل ملحوظ، وهبط ترتيبها من المركز 63 إلى 95 في استطلاع “أكسيوس هاريس” لأكثر العلامات التجارية حضورًا في السوق الأميركي.
كما انخفضت عمليات تسليم السيارات بنسبة 13% خلال النصف الأول من 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وسط توقعات بهبوط أرباح الشركة بنسبة 29%. وبفعل هذه الضغوط المتراكمة، خسرت الشركة نحو 280 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال النصف الأول من العام، بعدما تراجع سهمها بنسبة 21%، في وقت يواصل فيه مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″ تحقيق المكاسب.
شهدت الولايات المتحدة في عام 2025 تراجعًا ملحوظًا في عدد حوادث إطلاق النار الجماعي، بانخفاض نسبته 44% مقارنة بذروة الحوادث التي سُجلت في عام 2023. ووفقًا للمنظمة غير الربحية (Gun Violence Archive)، فقد تم الإبلاغ عن 195 حادثة إطلاق نار جماعي على مستوى البلاد حتى 2 يوليو/ تموز من هذا العام، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وأدنى حصيلة تُسجل في منتصف العام منذ 2018.
ويُعد هذا التراجع مؤشرًا إيجابيًا، إذ أسفرت حوادث إطلاق النار الجماعي حتى الآن عن مقتل 165 شخصًا وإصابة 897 آخرين، بانخفاض قدره 40% و21% على التوالي مقارنة بالعام الماضي.
ويرى الخبراء أن هذه الأرقام تعكس انحسار موجة العنف المسلح التي تصاعدت في فترة ما بعد الجائحة، والتي ارتبطت بآثار الإغلاق العام والتوترات النفسية والضغوط المالية الناجمة عن تفشي كوفيد-19.
لا يزال التضخم يشكل مصدر قلق رئيسيًا لغالبية الأميركيين، إذ عبّر 87% منهم عن قلقهم بشأنه، وفقًا لاستطلاع حديث أجرته “رويترز/إبسوس“. ورغم تباطؤ معدلات التضخم الرسمية خلال النصف الأول من عام 2025، إلا أن كثيرين يخشون من أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية المرتفعة — التي زادت بأكثر من 700% بموجب سياسات الرئيس دونالد ترامب — لم يظهر بعد بشكل كامل.
ولا تزال ثقة الشارع الأميركي في تعامل ترامب مع ملف التضخم ضعيفة، حيث لم تتجاوز نسبة الرضى عن أدائه في هذا الجانب 32%، مقابل 56% أعربوا عن عدم رضاهم. ويحذّر خبراء اقتصاديون من أن التضخم قد يتفاقم، مع توقّعات بنك “غولدمان ساكس” بارتفاع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الأساسي إلى 3.4% بنهاية العام، وهو أعلى مستوى منذ عام 2023.
وفي المقابل، واصل الاحتياطي الفيدرالي الحفاظ على معدلات الفائدة ضمن نطاق 4.25% إلى 4.5% طوال عام 2025، متجاهلًا الضغوط السياسية الداعية إلى خفضها، في ظل استمرار المخاوف من ارتفاع الأسعار الناتج عن الرسوم الجمركية المتزايدة.
سجّل عام 2025 إنجازًا تاريخيًا في صناعة السينما، تقوده النجاح غير المسبوق للفيلم الصيني الضخم “Ne Zha 2”، الذي حقق وحده 1.9 مليار دولار من الإيرادات على مستوى العالم. ويعكس هذا الإنجاز تحوّلًا لافتًا في موازين صناعة الأفلام، حيث لم تعد هوليوود اللاعب الأوحد في تصدّر شباك التذاكر العالمي.
داخليًا، شهدت إيرادات شباك التذاكر الأميركي انتعاشًا ملحوظًا، متجاوزة 4.1 مليار دولار في النصف الأول من العام، بزيادة نسبتها 15.5% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. ويُعزى هذا النمو إلى موسم سينمائي ربيعي قوي، حيث تضاعفت إيرادات شهري أبريل/ نيسان ومايو/ آيار تقريبًا مقارنة بالعام الماضي.
وإلى جانب الأفلام الضخمة، شكّلت الكتب الأكثر مبيعًا — سواء الروائية أو غير الروائية — إضافة إلى الأغاني التي تصدّرت القوائم مثل أغنية “Manchild” للمغنية سابرينا كاربنتر، ملامح بارزة للمشهد الثقافي الأميركي في 2025.
منذ يوم التنصيب، واجهت إدارة الرئيس دونالد ترامب بيئة قانونية معقّدة، إذ لم تنجح سوى في 30% من القضايا الكبرى التي رُفعت ضدها، في حين خسرت 60%، وجاءت الأحكام المتبقية بنتائج متباينة. فمن بين 182 حكمًا صادرت بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران 2025، كان 55 فقط لصالح الحكومة، في مؤشر على حجم التحديات القانونية التي تواجه البيت الأبيض في هذه المرحلة.
ومع ذلك، تبدو التوقعات المستقبلية أكثر تفاؤلًا، إذ أظهرت البيانات أن القضاة الذين عيّنهم ترامب حكموا لصالح إدارته بنسبة 76% من الحالات. كما أن قرارات المحكمة العليا الأخيرة التي قلّصت من صلاحيات المحاكم الأدنى قد تمهّد الطريق لمزيد من الانتصارات القانونية في المرحلة المقبلة. وحتى الآن، تجاوز عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد إدارة ترامب 300 دعوى، وهو ما يعكس حجم التدقيق القانوني المكثف الذي تتعرض له أثناء محاولتها تجاوز هذه العقبات.
واجهت النسخة الحيّة من فيلم ديزني الشهير “Snow White” موجة واسعة من الانتقادات، إذ لم تحصد سوى 39% كنسبة تقييم إيجابي من أكثر من 250 ناقدًا على موقع “روتن توميتوز”، لتُصنّف بذلك كواحدة من أسوأ الأعمال السينمائية تقييمًا في عام 2025. واعتُبر الفيلم “مفتعلًا” و”متوسط المستوى”، وسط جدل أثارته خيارات التمثيل وردود الفعل السياسية حتى قبل طرحه في دور العرض في مارس/ آذار عبر 4,200 صالة سينما.
ورغم هذا الاستقبال النقدي الضعيف، نجح الفيلم في تحقيق 87.2 مليون دولار في شباك التذاكر، ليحتل المركز الـ11 ضمن أكثر الأفلام تحقيقًا للإيرادات هذا العام حتى الآن.
ومن اللافت أن عدة أفلام ناجحة تجاريًا خلال 2025 — مثل A Minecraft Movie وCaptain America: Brave New World — حصدت بدورها تقييمات نقدية دون 60%، ما يسلّط الضوء على الفجوة المتزايدة بين آراء النقّاد وميول الجمهور.
تواجه صناعة السياحة في الولايات المتحدة عام 2025 تراجعًا غير مسبوق، إذ يُتوقع أن تنخفض إنفاقات الزوّار الدوليين بما يصل إلى 29 مليار دولار. وعلى عكس الطفرة السياحية التي تشهدها العديد من دول العالم، تعاني الولايات المتحدة من هبوط حاد في أعداد السائحين، مع تفضيل عشرات الملايين من المسافرين وجهات أخرى، ما يُهدد ملايين الوظائف المرتبطة بالقطاع.
ووفق تقرير صادر عن المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC)، تُعد الولايات المتحدة الاقتصاد الكبير الوحيد الذي يُتوقع أن يشهد تراجعًا في إيرادات السياحة الدولية هذا العام. وكانت التقديرات الأولية من “Tourism Economics” تُرجّح ارتفاعًا بنسبة 9% في حركة السفر الوافدة، ما كان سيضيف نحو 16.3 مليار دولار للاقتصاد. إلا أن التحديثات الأخيرة تشير إلى انخفاض حاد بنسبة 8.2%، ما أدى إلى فجوة كبيرة بين التوقّعات والواقع، تُقدّر قيمتها ما بين 25 و29 مليار دولار من الإيرادات المفقودة.
أدت قرارات العفو وتخفيف الأحكام التي أصدرها الرئيس دونالد ترامب في عام 2025 إلى إعفاءات مالية ضخمة، شملت أكثر من 100 مليون دولار من الغرامات الفيدرالية، وأكثر من 1.5 مليار دولار من تعويضات كان من المفترض أن تُدفع للضحايا، تم التنازل عنها فعليًا. ووفقًا لبيانات وزارة العدل الأميركية، شملت قرارات العفو أو تخفيف الأحكام 16 شخصًا وكيانًا، مع غرامات تراوحت في بعض الحالات حتى 100 مليون دولار، ليصل مجموع الغرامات المعفاة إلى أكثر من 102 مليون دولار.
وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن يخسر ضحايا جرائم ذوي الياقات البيضاء ما لا يقل عن 1.3 مليار دولار من مستحقات التعويض، بحسب تحليل لسجلات المحاكم أجرته المحامية السابقة في الولايات المتحدة، ليز أويَر. ومن بين أبرز المستفيدين من قرارات العفو مؤسس شركة “نيكولا”، تريفور ميلتون، الذي كان مدينًا بما يقارب 680 مليون دولار، إلى جانب نجمي تلفزيون الواقع تود وجولي كريسلي، اللذين أُلزما سابقًا بدفع أكثر من 22 مليون دولار.
ولا تزال الكلفة الإجمالية لهذه القرارات غير واضحة، إذ لم يُعرف بعد حجم المبالغ التي كانت قد دُفعت بالفعل قبل صدور العفو. وحتى الآن، أصدر ترامب خلال عام 2025 إجمالي 70 قرار عفو وتخفيف حكم، في استمرار لنمط مثير للجدل وسط مخاوف متصاعدة بشأن الدين الحكومي والمساءلة القضائية.
مليونا شخص: طلبات إعانة البطالة في أعلى مستوياتها منذ الجائحة
ارتفع عدد الأميركيين الذين يواصلون المطالبة بإعانات البطالة ليقترب من مليوني شخص في يونيو/ حزيران 2025، مسجّلًا أعلى مستوى منذ ذروة جائحة كورونا في عام 2021. وبحسب وزارة العمل الأميركية، بلغ عدد المستفيدين من المساعدات المستمرة 1,974,000 شخص، في مؤشر على بوادر تباطؤ في سوق العمل وسط استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي.
ورغم تراجع عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانة البطالة وإضافة الاقتصاد 147 ألف وظيفة جديدة خلال الشهر، فإن التوظيف في القطاع الخاص شهد انكماشًا بنحو 33 ألف وظيفة، مدفوعًا بخسائر كبيرة في قطاعات الخدمات، مثل التعليم والخدمات المهنية والقطاع المالي.
ويرى خبراء أن ارتفاع عدد المطالبات المستمرة قد يشير إلى فترات بطالة أطول، مما يصعّب على بعض الفئات — خصوصًا خريجي الجامعات الجدد — العودة إلى سوق العمل. وعلى الرغم من هذه التحديات، واصل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير، مشيرًا إلى توازن سوق العمل واستمرار الضغوط التضخمية في نطاق معتدل.
فوربس